على مر الأجيال دفاعاً عن الأسلام
لا تسبوا أصحابي رداً على الماسوني الشبه شيعي سيد قطب للأستاذ محمود محمد شاكر رحمه الله
العميل "سيد قطب" في جلسة عمل مع " الأستخبارات الأمريكية" بمكتبة "البيت الأبيض": أثناء اقامته في أمريكا عام 1948 :هدية للجوقة "الظواهرية" الأنشقاقية وهل هناك امكانية أخرى غير هذه؟
حسب امرئ مسلم لله أن يبلغه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي ، لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده ، لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ؛ ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه))؛ حتى يخشع لرب العالمين ، ويسمع لنبي الله ويطيع ، فَيَكُفَّ عَرْبَ لسانه وضراوة فكره عن أصحاب محمد ، ثم يعلم علماً لا يشوبه شكّ ولا ريبة: أن لا سبيل لأحد من أهل الأرض – ماضيهم وحاضرهم – أن يلحق أقل أصحابه درجة ، مهما جهد في عبادته ، ومهما تورع في دينه ، ومهما أخلص قلبه من خواطر السوء في سره وعلانيته. ومن يشك وكيف يطمع ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى ، ولا يداهن في دين ، ولا يأمر الناس بما يعلم أن الحق في خلافه ، ولا يحدث بخبر ولا ينعت أحداً بصفة ؛ إلا بما علمه ربه وبما نبأه؟! وربه الذي يقول له ولأصحابه : ] والّذي جاءَ بالصِّدقِ وَصدَّقَ به أولِئكَ هُمُ المُتَّقون لَهُمْ ما يَشاؤونَ عِنْدَ رَبِّهمْ ذَلِكَ جَزاءُ المُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُم أَسْوَأَ الذي عَمِلوا ويَجْزِيَهُمْ بأَحسَنِ الذِي كانوا يَعْمَلونَ [ . ثم يبين كتاب ربه ، فيقول : ((خير الناس قرني ، ثم الذي يلونهم ، ثم الذي يلونهم ، ثم يجيء قومُ تسبق شهادة أحدهم يمينه ، ويمينه شهادته)). ثم يزيد الأمر بيانا فيدل المؤمنين على المنزلة التي أنزلها الله أصحابَ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول: ((يأتي على الناس زمان ، فيغزو فئام فيفتح لهم ، ثم يأتي على الناس زمان ، فيغزو فئام من الناس ، فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله ؟ فيقولون: نعم ، فيفتح لهم)). فإذا كان هذا مبلغ صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فأي مسلم يطيق بعد هذا أن يسلط لسانه في أحد من صحابة محمد رسول الله ؟! وبأي لسان يعتذر يوم يخاصمه بين يدي ربهم ؟! وما يقول وقد قامت عليه الحجة من كتاب الله ومن خبر نبيه ؟! وأين يفر امرؤ يومئذ من عذاب ربه؟! وليس معنى هذا أن أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم معصومون عصمة الأنبياء ، ولا أنهم لم يخطئوا قط ولم يسيئوا ؛ فهم لم يدّعوا هذا ، وليس يدّعيه أحد لهم ، فهم يخطئون ويصيبون ، ولكن الله فضلهم بصحبة رسوله ، فتأدبوا بما أدبهم به ، وحرصوا على أن يأتوا من الحق ما استطاعوا ، وذلك حسبهم ، وهو الذي أمروا به ، وكانوا بعدُ توابين أوابين ، كما وصفهم في محكم كتابه ، فإذا أخطأ أحدهم ، فليس يحل لهم ولا لأحد ممن بعدهم أن يجعل الخطأ ذريعة إلى سبهم والطعن عليهم. هذا مجمل ما أدبنا به الله ورسوله ، بيد أن هذا المجمل أصبح مجهولاً مطروحاً عند أكثر من يتصدى لكتابة تاريخ الإسلام من أهل زماننا ، فإذا قرأ أحدهم شيئاً فيه مطعن على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سارع إلى التوغل في الطعن والسب بلا تقوى ولا ورع ، كلا ، بل تراهم يحيط بها من الريب والشكوك ، وما الأسباب الداعية إلى الكذب في الأخبار ، ومن العلل الدافعة إلى وضع الأحاديث المكذوبة على هؤلاء الصحابة . ولن أضرب المثل بما يكتبه المستشرقون ومن لف لفهم؛ فهم كما نعلم ، ولا بأهل الزيغ والضلال والضغينة على أهل الإسلام؛ كصاحب كتاب الفتنة الكبرى) وأشباهه من المؤلفين بل سآتيك بالمثل من كلام بعض المتحمسين لدين ربهم ، المعلنين بالذب عنه والجهاد في سبيله ، وأن سمة الحضارة الوثنية الأوروبية ، تنفجر أحياناً – في قلب من لم يحذر ولم يتق – بكل ضغائن القرن العشرين ، وبأسوأ سخائم هذه الحضارة المعتدية لحدود الله ، التي كتب على عباده – مسلمهم وكفارهم – أن لا يتعدوها . أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم : أبو سفيان بن حرب ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، وهند بنت عتبة بن ربيعة ؛ أم معاوية ، رضي الله عنهم ، كيف يتكلم أحد الناس عنهم ؟!
ـ1 ((فلما جاء معاوية ، وصير الخلافة الإسلامية ملكاً عضوضاً في بني أمية ؛ لم يكن ذلك من وحي الإسلام ، إنما كان من وحي الجاهلية )). ولم يكتف بهذا ، بل شمل بني أمية جميعاً ، فقال: ((فأمية بصفة عامة لم يعمر الإيمان قلوبهم ، وما كان الإسلام لها إلا رداء تخلعه وتلبسه حسب المصالح والملابسات)). ـ2 ثم يذكر يزيد بن معاوية بأسوأ الذكر ، ثم يقول: ((وهذا هو الخليفة الذي يفرضه معاوية على الناس ، مدفوعاً إلى ذلك بدافع لا يعرفه الإسلام ، دافع العصبية العائلية القبلية ، وما هي بكثيرة على معاوية ولا بغريبة عليه؛ فمعاوية هو ابن أبي سفيان وابن هند بنت عتبة ، وهو وريث أحد قومه جميعاً ، وأشبه شيء بهم في بعد روحه عن حقيقة الإسلام ؛ فلا يأخذ أحد الإسلام بمعاوية أو بني أمية؛ فهو منه ومنهم بريء)). ـ3ـ ((ولسنا ننكر على معاوية في سياسة الحكم ابتداعه نظام الوراثة وقهر الناس عليها فحسب ، إنما ننكر عليه أولاً وقبل كل شيء إقصاءه العنصر الأخلاقي في صراعه مع علي وفي سيرته في الحكم بعد ذلك إقصاءً كاملاً لأول مرة في تاريخ الإسلام …فكانت جريمة معاوية الأولى التي حكمت روح الإسلام في أوائل عهده هي نفي العنصر الأخلاقي من سياسته نفياً باتاً ، ومما ضاعف الجريمة أن هذه الكارثة باكرت الإسلام ولم تنقض إلا ثلاثون سنة على سننه الرفيع…ولكي ندرك عمق هذه الحقيقة يجب أن نستعرض صوراً من سياسة الحكم في العهود المختلفة على أيدي ابي بكر وعمر ، وعلى أيدي عثمان ومروان …ثم على أيدي الملوك من أمية …ومن بعدهم من بني العباس ، بعد أن خُنقت روح الإسلام خنقاً على أيدي معاوية وبني أمية )). ـ4 ((ومضى علي إلى رحمة ربه ، وجاء معاوية بن هند وبن ابي سفيان )).
وأنا استغفر الله من نقل هذا الكلام ، بمثل هذه العبارة النابية ؛ فإنه أبشع ما رأيته :.الكلام للأستاذ محمود محمد شاكر رحمه الله
ثم يقول: ((فلئن كان إيمان عثمان وورعه ورقته كانت تقف حاجزاً أمام أمية؛ لقد انهار هذا الحاجز ، وانساح ذلك السد ، وارتدت أمية طليقة حرة إلى وراثاتها في الجاهلية والإسلام ، وجاء معاوية تعاونه العصبة التي على شاكلته ، وعلى رأسها عمرو بن العاص ، قوم تجمعهم المطامع والمآرب ، وتدفعهم المطامح والرغائب ، ولا يمسكهم خلق ولا دين ولا ضمير)).
وأنا أستغفر الله وأبرأ إليه
ثم قال: ((ولا حاجة بنا للحديث عن معاوية؛ فنحن لا نؤرخ له هنا ، وبحسبنا تصرفه في توريث يزيد الملك لنعلم أي رجل هو ، ثم بحسبنا سيرة يزيد لنقدر أية جريمة كانت تعيش في أسلاخ أمية على الإسلام والمسلمين )).
ثم ينقل خطبة يزعم أنها لمعاوية في أهل الكوفة بعد الصلح ، يجيء فيها قول معاوية : ((وكل شرط شرطته ؛ فتحت قدمي هاتين )) ، ثم يعقب عليه مستدركاً: ((والله تعالى يقول : ] وأوْفُوا بالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كانَ مسؤولاً [ والله يقول: ] وإِنِ اسْتنصروكم في الدِّينِ فَعَليكُم النصر إلا على قومٍ بَينَكُم وَبَيْنَهُم ميْثَاقٌ [ ؛ فيؤثر الوفاء بالميثاق للمشركين المعاهدين على نصرة المسلمين لإخوانهم في الدين ، أما معاوية ؛ فيخيس بعهده للمسلمين ، ويجهر بهذه الكبيرة جهرة المتبجحين ، إنه من أمية ، التي أبت نحيزتها أن تدخل في حلف الفضول)). ـ5 ثم يذكر خطبة أخرى لمعاوية في أهل المدينة: ((أما بعد؛ فإني والله ما وليتها بمحبة علمتها منكم)). ثم يعلق عليها فيقول: ((أجل ، ما وليها بمحبة منهم ، وإنه ليعلم أن الخلافة بيعة الرضى في دين الإسلام ، ولكن ما لمعاوية وهذا الإسلام ، وهو ابن هند وابن ابي سفيان؟!)). ـ6 وأما معاوية بعد علي ؛ فقد سار سياسة المال سيرته التي ينتفي منها العنصر الأخلاقي ، فجعله للرشى واللهى وشراء الأمم( ) في البيعة ليزيد ، وما أشبه هذه الأغراض ، بجانب مطالب الدولة والأجناد والفتوح بطبيعة الحال)). ـ7 ثم قال شاملاً لبني أمية : ((هذا هو الإسلام ، على الرغم ما اعترض خطواته العملية الأولى من غلبة أسرة لم تعمر روح الإسلام نفوسها؛ فأمنت على حرف حين غلب الإسلام ، وظلت تحلم بالملك الموروث العضوض حتى نالته ، فسارت بالأمر سيرة لا يعرفها الإسلام )). هذا ما جاء في ذكر معاوية ، وما أضفى الكاتب من ذيوله على بني أمية وعلى عمرو بن العاص ، وأما ما جاء عن أبي سفيان بن حرب؛ فانظر ماذا يقول: ـ8 ((أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقي الإسلام منه والمسلمون ما حفلت به صفحات التاريخ ، والذي لم يسلم إلا وقد تقررت غلبة الإسلام ؛ فهو إسلام الشفة واللسان ، لا إيمان القلب والوجدان ، وما نفذ الإسلام إلى قلب ذلك الرجل؛ فلقد ظل يتمنى هزيمة المسلمين ويستبشر لها في يوم حنين ، وفي قتال المسلمين والروم فيما بعد ، بينما يتظاهر بالإسلام ، ولقد ظلت العصبية الجاهلية تسطير على فؤاده…وقد كان سفيان يحقد على الإسلام والمسلمين ، فما تعرض فرصة للفتنة إلا انتهزها)). ـ9 ((ولقد كان أبو سفيان يحلم بملك وراثي في بني أمية منذ تولى الخلافة عثمان ؛ فهو يقول : ((يا بني أمية …تلقفوها تلقف الكرة؛ فو الذي يحلف به أبو سفيان ؛ ما زلت أرجوها لكم ، ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة!)) ، وما كان يتصور حكم المسلمين إلا ملكاً ، حتى أيام محمد ، (وأظن أنا أنه من الأدب أن أقول: )؛ فقد وقف ينظر إلى جيوش الإسلام يوم فتح مكة ، ويقول للعباس بن عبد المطلب : ((والله يا أبا الفضل؛ لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيماً)) ، فلما قال له العباس : إنها النبوة ، فما كان مثل هذا القلب ليفقه إلا معنى الملك والسلطان)). ثم يقول عن هند بن عتبة أم معاوية: ـ10 ((ذلك أبو معاوية ، فأما أمه هند بنت عتبة ، فهي تلك التي وقفت يوم أحد تلغ في الدم إذ تنهش كبد حمزة كاللبؤة المتوحشة ، لا يشفع لها في هذه الفعلة الشنيعة حق الثأر على حمزة؛ فقد كان قد مات ، وهي التي وقفت بعد إسلام زوجها كرها بعد إذ تقررت غلبة الإسلام تصيح: ((اقتلوا الخبيث الدنس الذي لا خير فيه ، قبح من طليعة قوم ، هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم؟)). هؤلاء أربعة من أصحاب رسول الله ، يذكرهم كاتب مسلم بمثل هذه العبارات الغريبة النابية ، بل زاد ، فلم يعصم كثرة بني أمية من قلمه ، فطرح عليهم كل ما استطاع من صفات تجعلهم جملة واحدة براء من دين الله ، ينافقون في إسلامهم ، ونفون من حياتهم كل عنصر أخلاقي – كما سماه - . وأنا لن أناقش الأن هذا المنهج التاريخي ؛ فإن كل مدع يستطيع أن يقول: هذا منهجي ، وهذه دراستي!! بل غاية ما أنا فاعل أن أنظر كيف كان أهل هذا الدين ينظرون إلى هؤلاء الأربعة بأعيانهم ، وكيف كانوا – هؤلاء الأربعة – عند من عاصرهم ومن جاء بعدهم من أئمة المسلمين وعلمائهم. وأيضا ، فإني لن أحقق هذه الكلمة فساد ما بُني عليه الحكم التاريخي العجيب ، الذي استحدثه لنا هذا الكاتب ، بل أدعه إلى حينه . فمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أسلم عام القضية ، ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً ، وكتم إسلامه عن أبيه وأمه ، ولما جاءت الردة الكبرى؛ خرج معاوية في هذه القلة المؤمنة التي قاتلت المرتدين ، فلما استقر أمر الإسلام ، وسير أبو بكر الجيوش إلى الشام ؛ سار معاوية مع أخيه يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه ، فلما مات يزيد في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ قال لأبي سفيان رضي الله عنه : أحسن الله عزاءك في يزيد .فقال أبوسفيان : من وليت مكانه ؟ قال: أخاه معاوية . قال: وصلتك رحم يا أمير المؤمنين . وبقي معاوية والياً لعمر على عمل دمشق ، ثم ولاه عثمان الشام كلها ، حتى جاءت فتنة مقتل عثمان ، فولي معاوية دم عثمان لقرابته ، ثم كان بينه وبين علي ما كان. ويروي البخاري (5/28) أن معاوية أوتر بعد العشاء بركعة ، وعنده مولى لابن عباس ، فأتى ابن عباس ، فقال: دعه؛ فإنه صحب رسول الله . وقال في خير آخر: هل لك في أمير المؤمنين معاوية؛ فإنه أوتر بواحدة؟ فقال ابن عباس : إنه فقيه. وروى أحمد في ((مسند)) (4/102) عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس: أن معاوية أخبره أن رسول الله قصر شعره بمشقص( ) فقلت لابن عباس : ما بلغنا هذا الأمر إلا عن معاوية ! فقال: ما كان معاوية على رسول الله صلى الله عليه وسلم متهماً. وعن ابي الدرداء : ما رأيت أحداً بعد رسول الله أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من أميركم هذا (يعني معاوية) . مجمع الزوائد (9/357). وروى أحمد في ((مسنده)) (4/101) عن أبي أمية عمرو بن يحيى ابن سعيد عن جده: أن معاوية أخذ الإداوة ( ) بعد أبي هريرة يتبع رسول الله بها ، واشتكى أبو هريرة ، فينا هو يوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ رفع رأسه إليه مرة أو مرتين ، فقال: ((يا معاوية ! إن وليت أمراً؛ فاتق الله عز وجل واعدل)) . قال معاوية : فما زلت أظن أني مبتلى بعمل لقول النبي حتى ابتليت . وروى أحمد في مسنده (4/127) عن العرباض بن سارية السلمي؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعونا إلى السحور في شهر رمضان : ((هلموا إلى الغداء المبارك)) ثم سمعته يقول: ((اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب)). وروى أحمد في مسنده (4/216) عن عبد الرحمن ابن أبي عميرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه ذكر معاوية ، فقال: ((اللهم اجعله هادياً مهدياً ، واهد به )). هذا بعض ما قيل في معاوية رضي الله عنه ، وفي دينه وإسلامه. فإن كان هذا الكاتب ـ يقصد "السيد قطب"ـ قد عرف واستيقن أن الروايات المتلقفة من أطراف الكتب تنقض هذا نقضاً ، حتى يقول: إن الإسلام بريء منه! فهو وما عرف!!. وإن كان يعلم أنه أحسن نظراً ومعرفة بقريش من أبي بكر حين ولّي يزيد بن أبي سفيان ، وهو من بني أمية ، وأنفذ بصراً من عمر حين ولي معاوية؛ فهو وما علم !! وإن كان يعلم أن معاوية لم يقاتل في حروب الردة إلا وهو يضمر النفاق والغدر؛ فله ما علم !! وإن كان يرى ما هو أعظم من ذلك ؛ أنه أعرف بصحابة رسول الله من رسول الله الذي كان يأتيه الخبر من السماء بأسماء المنافقين بأعيانهم ؛ فذلك ما أعيذه منه أن يعتقده أو يقوله !! ولكن لينظر فرق ما بين كلامه وكلام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل آخر من أصحابه ، ثم ليقطع لنفسه ما شاء من رحمة الله أو من عذابه ، ولينظر أيهما أقوى برهاناً في الرواية ، هذا الذي حدثنا به أئمة ديننا ، أم ما انضمت عليه دفتا كتاب من عرض كتب التاريخ كما يزعمون ، ولينظر لنفسه حتى يرجح رواية على رواية وحديثاً على حديث وخبراً على خبر ، وليعلم أن الله تعالى أدب المسلمين أدباً لم يزالوا عليه منذ كانت لدين الله الغلبة حتى ضرب الله على أهل الإسلام الذلة بمعاصيهم وخروجهم عن حد دينهم واتباعهم الأمم في أخلاقها وفي فكرها وفي تصورها للحياة الإنسانية . يقول ربنا سبحانه : ] يا أيَّها الذِينَ آمنُوا إِن جاءَ كم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فتَبَيَّنوا أن تُصيبوا قَوماً بِجَهالةٍ فتُصْبِحوا على ما فَعَلتُم نادِمين [ ويقول: ] يا أيُّها الذِينَ آمنوا اجتنِبُوا كثيراً مِنَ الظّنِ إنّ بعْضَ الظِّنِّ إِثم [ ويقول: ] ولا تَقْفُ ما لَيْسَ لك بِهِ عِلْمٌ إِنّ السَّمعَ والبَصَرَ والفُؤادَ كُلُ أُولَئكَ كانَ عنه مسؤولاً [ ولينظر أنى له أن يعرف أن معاوية كان يعمل بوحي الجاهلية لا الإسلام ، وأنه بعيد الروح عن حقيقة الإسلام وأن الإسلام لم يَعمُر قلبه ، وأنه خنق روح الإسلام هو وبنو أبيه ، وأنه هو وعمرو بن العاص ومن على شاكلتهم لا يمسكهم خلق ولا دين ولا ضمير ، وأن في أسلاخ معاوية وبني أمية جريمة أي جريمة على الإسلام والمسلمين ، وأنه يخيس بالعهد ويجهر بالكبيرة جهرة المتبجحين ، وأنه ما لمعاوية وهذا الإسلام وأنه ينفي العنصر الأخلاقي من سيرته ويجعل مال الله للرشى واللهى وشراء الذمم ، وأنه هو وبنو أمية آمنوا على حرف حين غلب الإسلام . أما أبو سفيان رضي الله عنه ؛ فقد أسلم ليلة الفتح ، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين كما أعطى سائر المؤلفة قلوبهم ، فقال له : (( والله ؛ إنك لكريم فداك أبي وأمي ، والله؛ لقد حاربتك فلنعم المحارب كنت ، ولقد سالمتك فلنعم المسالم أنت ، جزاك الله خيراً)). ثم شهد الطائف مع رسول الله ، وفقئت عينه في القتال. ولاه رسول الله نجران ، ورسول الله لا يولي منافقاً على المسلمين . وشهد اليرموك ، وكان هو الذي يحرض الناس ويحثهم على القتال. وقد ذكر الكاتب فيما استدل به على إبطان أبي سفيان النفاق والكفر أنه كان يستبشر بهزيمة المسلمين في يوم حنين ، وفي قتال المسلمين والروم فيما بعد ، وهذا باطل مكذوب ، وسأذكر بعد تفصيل ذلك . أما قول أبي سفيان للعباس: ((لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيماً )) فقال العباس: إنها النبوة فقال أبو سفيان: فنعم إذن. فهذا خبر طويل في فتح مكة ، قبل إسلامه ، وكانت هذه الكلمة : ((نعم إذن)) أول إيذان باستجابته لداعي الله ، فأسلم رضي الله عنه ، وليست كما أولها الكاتب: ((نعم إذن ، وإنها كلمة يسمعها بأذنه فلا يفقهها قلبه ، فما كان مثل هذا القلب ليفقه إلا معنى الملك والسلطان)) إلا أن يكون الله كشف له ما لم يكشف للعباس ولا لأبي بكر ولا لعمر ولا لأصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار ،وأعوذ بالله من أن أقول ما لم يكشف لرسول الله ونبيه صلى الله عليه وسلم . وعن ابن عباس : أن أبا سفيان قال: يا رسول الله ثلاثاً أعطنيهن ، قال: ((نعم )) ، قال: تؤمرني حتى أقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين ، قال: ((نعم)) ، قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك ، قال: ((نعم)) ، وذكر الثالثة ، وهو أنه أراد أن يزوج رسول الله e بابتنته الأخرى عزة بنت أبي سفيان ، واستعان على ذلك بأختها أم حبيبة ، فقال: ((إن ذلك لا يحل لي)). وأما هند بنت عتبة أم معاوية رضي الله عنهما ، فقد روي عن عبد الله بن الزبير (ابن سعد :8/171) ( ) ؛ قال: لما كان يوم الفتح ؛ أسلمت هند بن عتبة ونساء معها ، وأتين رسول الله وهو بالأبطح ، فبايعنه ، فتكلمت هند ، فقالت: يا رسول الله الحمد الله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه ، لتنفعني رحمك يا محمد ، إني امرأة مؤمنة بالله مصدقة برسوله ، ثم كشفت عن نقابها ، وقالت: أنا هند بنت عتبة ، فقال رسول الله : ((مرحباً بك)) ، فقالت: والله ؛ ما كان على الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يذلوا من خبائك ، ولقد أصبحت وما على الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يعزوا من خبائك ، فقال رسول الله : وزيادة … قال محمد بن عمر الواقدي : لما أسلمت هند؛ جعلت تضرب صنماً في بيتها بالقدوم ، حتى فلذته فلذة فلذة ، وهي تقول: كنا منك في غرور. وروى البخاري( ) هذا الخبر عن أم المؤمنين عائشة (5/40). فهل يعلم عالم أن إسلام أبى سفيان وهند كان نفاقاً وكذباً وضغينة؟ لا أدري ، ولكن أئمتنا من أهل هذا الدين لم يطعنوا فيهم ، وارتضاهم رسول الله، وارتضى إسلامهم ، وأما ما كان من شأن الجاهلية؛ فقل رجل وامرأة من المسلمين لم يكن له في جاهليته مثل ما فعل أبو سفيان أو شبيه بما يروى عن هند إن صح. وأما عمرو بن العاص ؛ فقد أسلم عام خيبر وأمره رسول الله على سرية إلى ذات السلاسل يدعو بليّاً إلى الإسلام ، ثم استعمله رسول الله على عمان ، فلم يزل والياً عليها إلى أن توفي رسول الله ، ثم أقره عليها أبو بكر رضي الله عنه ، ثم استعمله عمر. وروى الإمام أحمد في (مسنده) (2/327 ،353 ، 354) من حديث أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ابنا العاص مؤمنان) ؛ يعني: هشاماً وعمراً. وروى الترمذي وأحمد في مسنده (4/155) عن عقبة بن عامر الجهني : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص)). وروى أحمد في مسنده (1/161) عن طلحة بن عبيد الله ؛ قال: ألا أخبركم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء ؟ ألا إني سمعته يقول: ((عمرو بن العاص من صالحي قريش ، ونعم أهل البيت أبو عبد الله وأم عبد الله وعبد الله )). فإذا كان جهاد عمرو ، وشهادة أصحاب رسول الله له ، وتولية رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أبى بكر ثم عمر؛ لا تدل على شيء من فضل عمرو بن العاص ، ولا تدل على نفي النفاق في دين الله عنه؛ فلا ندري بعد ما الذي ينفع عمراً في دنياه وآخرته ؟! ولست أتصدى هنا لتزييف ما كتبه الكاتب "السيد قطب" من جهة التاريخ ، ولا من جهة المنهاج ، ولكني أردت – كما قلت – أن أبين أن الأصل في ديننا هو تقوى الله وتصديق خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ليسوا لعانين ولا طعانين ولا أهل إفحاش ولا أصحاب جرأة وتهجم على غيب الضمائر ، وأن هذا الذي كانوا عليه أصل لا يمكن الخروج منه؛ لا بحجة التاريخ ، ولا بحجة النظر في أعمال السابقين للعبرة واتقاء ما وقعوا فيه من الخطأ. ولو صح كل ما يذكر مما اعتمد عليه الكاتب في تمييز صفات هؤلاء الأربعة وصفة بني أمية عامة؛ لكان طريق أهل الإسلام أن يحملوه على الخطأ في الاجتهاد من الصحابي المخطيء ، ولا يدفعهم داء العصر أن يوغلوا من أجل خبر أو خبرين في نفي الدين والخلق والضمير عن قوم هم لقرب زمانهم وصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أولى أهل الإسلام بأن يعرفوا حق الله وحق رسوله ، وأن يعلموا من دين الله ما لم يعلمه مجترئ عليهم طعان فيهم. وأختم كلمتي هذه بقول النووي في شرح مسلم (16/93): ((اعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات ، سواء من لابس الفتن منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون ، وقال القاضي: سب أحدهم من المعاصي الكبائر ، ومذهبنا ومذهب الجمهور أن يعزر ولا يقتل ، وقال بعض المالكية يقتل)). وأسدي النصحية لمن كتب هذا وشبهه أن يبرأ إلى الله علانية مما كتب ، وأن يتوب توبة المؤمنين مما فرط منه ، وأن ينزه لسانه ويعصم نفسه ويطهر قلبه ، وأن يدعو بدعاء أهل الإيمان: ] رَبَّنا اغفِرْ لَنا ولإخوانِنا الَذينَ سَبَقُونا بالإيمانِ ولا تَجعَل في قُلوبِنا غِلا للذينَ آمَنُوا رَبّنا إنَكَ رَؤوفٌ رحِيمٌ [ من أجل هذا أقول: إن خلق الإسلام هو أصل كل منهاج في العلم والفهم ، سواء كان العلم تاريخاً أو أدباً أو اجتماعاً أو سياسة ، وإلا ؛ فنحن صائرون إلى الخروج عن هذا الدين ، وصائرون إلى تهديم ما بناه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلى جعل تاريخ الإسلام حشداً من الأكاذيب الملفقة والأهواء المتناقضة ، والعبث بكل شيء شريف ورثتنا إياه رحمة الله لهم ، وفتح الله عليهم ، ورضاه عن أعمالهم الصالحة ، ومغفرته لهم ما أساءوا رضي الله عنهم ، وغفر لهم وأثابهم بما جاهدوا وصبروا وعَلِموا وعلّموا ، وأستغفر الله وأتوب إليه.
رد الزنديق الوغد "سيد قطب" على الأستاذ "محمود محمد شاكر" رحمه الله تعالى
إلى أخي الاستاذ: رجب البيومي …السلام عليكم ورحمة الله ، وبعد :فإنني لم أرد أن أدخل بينك وبين الأستاذ شاكر فيما شجر بينكما من خلاف حتى ينتهي إلى نهاية كما انتهى ، ذلك أنني كنت حريصاً على أن أدعك ورأيك ، وألا أبدأ تعارفي بك في زحمة الجدل ، وإن ظن أخونا شاكر أن بيننا صحبة وثيقة ، وهي التي تدفعك إلى رد تهجمه أو تقحمه ، حتى لقد أنذرنا معاً عداوة يوم القيامة: ] الأخِلاءُ يَوْمئَذٍ بعْضُهُم لِبَعضٍ عَدوُّ [ ؛ لأن مألوف الناس قد جرى في هذا الزمن الصغير على أن الحق وحده أو الرأي وحده لا يكفي لأن يدفع كاتباً فيكتب دون هوى من صداقة أو علاقة . ولو كانت بيننا معرفة سابقة ، ولو استشرتني قبل أن تدخل مع صاحبنا في جدل حول ما أثاره من صخب وما نفضه من غبار ؛ لأشرت عليك ألا تدخل ، ولآثرت لك ما آثرته لنفسي من إغضاء وإغفال … ذلك أنني لم استشعر في هذا الصخب الصاخب أثراً من صفاء نية ، ولا رغبة في تجلية حقيقة ، ولو استشعرت شيئاً من هذا ؛ ما تركت صاحبي دون أن أجيبه ، على الأقل من باب الأدب واللياقة ، ولكنني اطلعت على أشياء ، ما كان يسرني والله أن أطلع عليها ، في نفس رجل ربطتني به مودة ، أصفيتها له في نفسي ، بعدما كان بيننا من جدل قديم ، يعرفه قراء ((الرسالة ))) عام (1938م) ، وما أزال أرجو أن أكون مخطئاً فيما أحسست به ، وأن تبقى لي عقيدتي في ضمائر الناس وفي الخير الذي تحتويه فطرتهم. ولو كانت الحقائق هي المقصودة لما احتاج الكاتب الفاضل إلى اصطناع مثل هذا الأسلوب الصاخب المفرقع ، ولما لجأ منذ مقاله الأول في ((المسلمون)) إلى الشتم ، والسب والتهم بسوء النية ، وسوء الخلق والنفاق والافتراء ، والسفاهة ، والرعونة… إلى آخر ما خاضه – ويغفر الله له فيه – فبدون هذا تعالج أمور النقد العلمي ، وبغير هذا الأسلوب يمكن تمحيص الحقائق . إنه لا ((معاوية )) ولا ((يزيد)) ، ولا أحد من ملوك بني أمية قد اغتصب مال أبي أو جدي ، أو قدّم إلى شخصي مساءة ، ولا لأحد من عشيرتي الأقربين أو الأبعدين… فإذا أنا سلكت في بيان خطة ((معاوية)) في سياسة الحكم وسياسة المال ، وخطة الملوك من بعده – فيما عدا الخليفة الراشد: عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه – مسلكاً غير الذي سلكته في بيان خطة ((أبي بكر )) و ((عمر)) و ((علي)) رضوان الله عليهم جميعاً ، فليس أول ما يتبادر إلى الذهن المستقيم والنية السليمة أن ما بي هو سب صحابة الرسول ، لا عن خطأ ، ولكن عن رغبة قاصدة في إفساد الإسلام ، وسوء نية في تدنيس المسلمين !! وكتاب ((العدالة الاجتماعية )) مطبوع متداول منذ أربع سنوات ، وطبعته الثالثة في المطبعة ، والصخب حوله الآن فقط قد يشي بشيء لا أرضاه للصديق ، وقد قرأه الناس في أنحاء العالم الإسلامي ، فلم يستشعر أحد من موضوعه ولا من سياقه أن النية السيئة المبيتة لهذا الإسلام وأهله هي التي تعمر سطوره ، إنما أحس الألوف الذين قرؤوه – أو على الأقل المئات الذين أبدوا رأيهم فيه – أن كل ما كان يعنيني هو أن أبرئ الإسلام من تهمة يلصقها به أعداؤه ، وشبهة تحيك في نفوس أصدقائه ؛ إذا يحسبون أن سياسة بني أمية في الحكم وسياستهم في المال تحسب على الإسلام ، والإسلام بريء من هذا الاتهام. روى سعيد بن جمهان ، عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ، ثم ملك بعد ذلك )) ، ثم قال سفينة: امسك: خلافة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي . فوجدناها ثلاثين سنة ، قال سعيد : قلت له : إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم. قال : كذبوا بنو الزرقاء ، بل هم ملوك من شر الملوك. رواه أصحاب السنن بسند حسن. وأحسب لقد كان بنفسي وأنا أعرض النظام الاجتماعي في الإسلام أن أقول شيئاً كالذي قاله مولى رسول الله e ، لا عداء شخصياً لبني أمية ، ولكن تبرئة للإسلام من أن تحسب عليه سياسة لا يعرفها ؛ لا في الحكم ولا في المال ، والإسلام منها بريء؛ فيجب أن يعرف الناس براءته ، وأن يعرض عليهم في صورته التي عرفتها الخلافة السمحة ، وأن ينفى عنها ما لحقه في عهود الظلام والاستبداد . وما كان لي بعد هذا؛ وأنا مالك زمام أعصابي ، مطمئن إلى الحق الذي أحاوله ، أن ألقي بالاً إلى صخب مفتعل ، وتشنج مصطنع، وما كان لي إلا أن أدعو الله لصديقنا ((شاكر )) بالشفاء والعافية والراحة مما يعاني ، والله لطيف بعباده الأشقياء. أما أنا ؛ فما أحب أن يكون لي مع قوم خرجوا على خليفة رسول الله ، وقتلوا ابن بنت رسول الله ، وحرقوا بيت الله ، وساروا في سياسة الحكم وسياسة المال على غير هدى من الله … أدب رفيع من أدب مولى رسول الله الذي أدبه ورباه
سيد قطب
|