الجهاد
ليس غريباً أن يتم التعاطي ههنا في أوربا مع كلمة "الجهاد " وعلى هذا المنوال مع الجهاد نفسه حسب ترجمتها التعسفيه: الحرب المقدسة " وبالأساس يجب أن لانتعامل مع هذا التعاطي وكأنه نتاجاً لهذه الترجمة البائسة لئلا يتغشانا الوهم بأمكانية تغيير مالم يمكن تغييره قطُّ وانما مع الترجمة كنتاج لهذا التعاطي العدواني الذي أرسته الحروب الصليبية الأولى ضد الأسلام والمسلمين وكرسته الحروب الأستعمارية الغربية بأشكال تبقى جميعها بالمختلف من أشكالها إمتداداً لتلك الحروب الغاية في الوحشية وهي بهذه الصفة لايمكن إلا أن تكون أساساً لهذه الحروب التي نعاصر أكثر صورها بشاعةً وأكثر أهدافها فاشيةً* في فلسطين** وأفغانستان والعراق و الشيشان. وبهذا المنحى سيكون على المرء فهم هذه التعاطي كشكل من أشكال العدوان المعاصر على الأسلام بتقصيفه بمفاهيم مستحضرة من غياهب الموروث الصليبي الأجرامي الذي يعلي من شأن الحرب بصفتها الوحشية مثل" الحرب المقدسة" وإسقاطها عليه لنزع مواصفات عليه تخالف حقيقته هذه التي تتجلى ساطعةً في القرآن الحكيم:
( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ - 125النحل)
*( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(2) المائدة)
*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ – المجادلة"9")
*(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)البقرة)
*( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190 البقرة)
ولعل شيخ المعاجم " لسان العرب" للأمام العلامة أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري يتحفنا بالقول الفصل لغوياً:
( وجاهَدَ العدوَّ مُجاهَدةً وجِهاداً: قاتله وجاهَد في سبيل الله. وفي الحديث: لا هِجرة بعد الفتح ولكن جِهاد ونِيَّةٌ؛ الجهاد محاربة الأَعداء، وهو المبالغة واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أَو فعل، والمراد بالنية إِخلاص العمل لله أَي أَنه لم يبق بعد فتح مكة هجرة لأَنها قد صارت دار إِسلام، وإِنما هو الإِخلاص في الجهاد . والجهاد: المبالغة واستفراغ الوسع في الحرب أَو اللسان أَو ما أَطاق من شيء. وفي حديث الحسن: لا يَجْهَدُ الرجلُ مالَهُ ثم يقعد يسأَل الناس؛ قال النضر: قوله لا يجهد ماله أَي يعطيه ويفرقه جميعه ههنا وههنا؛ قال الحسن ذلك في قوله عز وجل: يسأَلونك ماذا ينفقون قل العفو )
*بقصد تبديد بعض إساءات الفهم لابد من التأكيد على كون عرضنا لظواهر معينة كالشيوعية والفاشية والديمقراطية مقتضى من لدننا عملياً بشرط تبيين جبلاتها وليس التبني لمناهج فكرية غربية . ** الصهيونية كأديولوجية فاشية هي نتاج لمجمل العلاقات التأريخية والأجتماعية والدينية والأقتصادية الأستعمارية وعلى هذا النحو لايمكن لها بوصفها حركة إلا أن تكون هذا النتاج نفسه بما يحتمله من تنوعات ومايشترطه من تغيرات مظهرية وذلك كله ينطبق على دولة "أسرائيل " وعد بلفورياً وعليها مكرسةً في البداية عصبة- ثم هيئة أمم متحدياً وهي بهذه الكينونة ستبقى مرهونة بها ولها ولايمكن فصلها عنها عضوياً.
|